في المقال السابق بحثنا مفهوم المبادرات الشبابية، فأين تكمن أهميتها للشباب وللمجتمع يا ترى؟

• المبادرة الشبابية: وسيلة وغاية

تكمن أهمية المبادرات الشبابية بحكم كونها حق للشباب والشابات، يجب على العديد من المؤسسات العاملة معهم أن تضمن توفر البيئة الآمنة والداعمة لها، فمن خلال ملاحظة العديد من البرامج والأنشطة الموجهة للشباب، لا ينظر كثير من المعنيين بالمبادرات الشبابية باعتبارها حق للشباب والشابات يجب احترامه والعمل على تحقيقه، بل أن البعض قد ينظر لها على أنها منة أو ترف لا مبرر له. في حين قد يرى الأهالي بأنها تشتت انتباه أولادهم عن الدراسة. إن المبادرات الشبابية تتطلب من القائمين على العمل الشبابي أن يدعموها ويسعوا لتطويرها وتبنيها باعتبارها واجب عليهم. كما أنه من واجبهم توعية الأهالي بأهمية المبادرات في المساهمة في تطوير ونمو شخصية الشباب والشابات. أخيراً من المهم ألا ينظر الشباب والشابات إلى ما يقوموا به من مبادرات بنظرة استخفاف أو كتجربة قليلة الأهمية.

• المبادرات الشبابية فرصة لترسيخ ثقافة التطوع

كثيراً منا ما ينتقد النمط الاستهلاكي لمجتمعاتنا حيث تحدد قيمة الإنسان بما يملك، وما يأخذ من مردود مادي، وكثير منا بات ينتقد ثقافة بعض الشباب والشابات ممن يحبوا أن يخدموا مجتمعاتنا النفعية، حيث أنهم لم يعودوا يقدموا شيء إلا إذا تم تقديم مقابل سواء أكان ذلك عبر بدل مواصلات أو مكافآت صغيرة في نهاية المشروع. إن المبادرات الشبابية فرصة لإعادة روح التطوع بين الشباب والشابات وترسيخ قيم خدمة الناس والمجتمع. 

• المبادرة الشبابية مساحة للتعلم وتطوير الذات

للمبادرات قيمة بحد ذاتها، وليس بالضرورة بما يجب أن تحققه من أهداف موضوعة. فهي فرصة وشكل من أشكال التعلم يمكن للشباب والشابات أن يستفيدوا منها بغض النظر عن الدور التي تلعبه في خدمة المجتمع، وبما أن لكل منهم منحنى تعلم خاص به، فإنه من المتوقع أن يختلف أعضاء المجموعة المبادرة فيما بينهم في التفاعل مع الظروف التي تمر بالمبادرة، بل قد يتطلب الأمر تغيير المبادرة كاملة بعد البدء بالتحضير.

من خلال تفاعلنا مع الشباب في المبادرات، لاحظنا مدى أهمية المبادرات الشبابية في تطورهم الاجتماعي والنفسي، فكثير منهم الآن ينظرون لأنفسهم على أنهم يستطيعوا أن يساهموا في خدمة مخيمهم، متحمسين أكثر إلى أن يعطوا للناس الذين حولهم، والملفت للنظر أن بعضهم بدأ يحدد علاقته بالمجتمع والناس من حوله، وكثير منهم فاجأوا من حولهم بقدراتهم. 

كما شكلت المبادرات الشبابية فرصة كبيرة ليعززوا ثقتهم بذاتهم، وأن يتعرفوا على أنفسهم وقدراتهم الكامنة، بل جعلتهم يختبروا قدراتهم مع الآخرين، وأن يتعرفوا على مهاراتهم ويطوروها ضمن الأطر الحياتية اليومية التي يعيشون فيها، سواء أكانت المدرسة أو البيت، أو المخيم بشكل عام. وأثبتت وبشكل عملي أن الشباب والشابات يتعلموا أكثر ويبنوا مهاراتهم الحياتية إذا كانت ضمن السياقات أو البيئات التي يعيشون فيها (البيت، الحي، المدرسة، إلخ) ومع الناس الذين هم على تواصل يومي معهم (الأهل، الزملاء والمعلمين، والناس والمعارف) وليس فقط بدورات تدريبية حتى وإن كانت تدار بأسلوب تشاركي.

• فرصة للشباب والشابات للمساهمة بخدمة الناس من حولهم

الإحساس بالعطاء شعور رائع استطاع الشباب والشابات الشعور به من خلال المبادرات التي نفذوها، والجميل أن كل واحد منهم خدم الناس من حوله بطريقته وبحسب قدراته، واهتماماته، وبالتأكيد هذه المبادرات أعطتهم مجالات أوسع لكي يخدموا أنفسهم والناس من حولهم.

ولا يجب أن نهمل أن مثل هذه المبادرات الشبابية قد تولد آثار غير مباشرة تتمثل في تضييق الفجوة بين الشباب والكبار أو توجه أنظار الكبار والمجتمع لطاقات الشباب الكامنة والتي يمكن استثمارها بشكل إيجابي وفي نفس الوقت ملبيين حاجات هذه المرحلة العمرية بالإضافة إلى التعرف على المواضيع التي تمس الشباب وتشكل أهمية لهم.

• المبادرة الشبابية استجابة لسمات وخصائص مرحلة الشباب

تقدم المبادرة الشبابية مساحة للشباب والشابات لملئ أوقات فراغهم بما يتناسب مع ديناميكيتهم وأوقاتهم، كما تلبي المبادرة احتياجات مرحلة الشباب متمثلة في تشكيل الهوية وتحقيق الذات والاستقلالية. فالمبادرة تمثل مساحة مدروسة وبيئة آمنة للشباب والشابات للتفاعل والعمل. فمن خلال هذه المساحة يتعرف الشباب والشابات على أنفسهم وطاقاتهم.

المصدر:

مقدمة في العمل الشبابي الاحترافي