مشاركة الشباب ( المفهوم – مستويات ونماذج مختلفة لمشاركة الشباب)
4.3
(7)

 

 

 

ما هي مشاركة الشباب؟ [1]

 

في قاموس أكسفورد تعني كلمة Participation  مشاركة ” فعل أو حقيقة المشاطرة، والقيام بدور ما أو تشكيل دور ما”. وبهذا المعنى يمكن أن تكون المشاركة إما متعدية أو لازمة؛ أخلاقية أو لا علاقة لها بالأخلاق أو غير أخلاقية؛ قسرية أو حرة؛ مدبرة أو عفوية.

ظهرت المفردتان “مشاركة” و”تشاركي” لأول مرة ضمن لغة التنمية في أواخر الخمسينات. وكان الناشطون الاجتماعيون والعاملون الميدانيون يأملون من مساعدة الفئات المهمشة والأكثر عرضة لعوامل الخطر لأن “يتفتحوا كالزهر من البرعم”. وقد اصطدموا بالواقع الذي كان مختلفاً تماماً عن توقعاتهم حيث سعوا لتحسينالمشاركة وطرق التفاعل التشاركية باعتبارها بعداً أساسياً من أبعاد التنمية. [2]

مشاركة الشباب هي مساهمة الشباب والشابات في العمليات والقرارات والأنشطة والتأثير فيها، وبهذا المعنى تكون المشاركة مرتبطة أساساً بممارسة السلطة. وتكتسب المشاركة بعد هذا التعريف المبدئي معان مختلفة في سياقات مختلفة. وكما تقول Merita Irby “التحدي لا يكمن في التوصل إلى تعريف واحد لمشاركة الشباب، بل في خلق إطار عمل واضح لربط النهوج المختلفة للتعامل مع المسألة واختبارها حتى يتمكن الساعون لتعزيز مشاركة الشباب من تحقيق مساعيهم بطريقة تنم عن مراعاة وتفهم”.

 

المستويات والنماذج المختلفة لمشاركة الشباب

 

لا يوجد نموذج معين لمشاركة الشباب، وتطرح بعض النماذج التي يتم استعراضها هنا زوايا مختلفة لتصنيف أشكال مشاركة الشباب. وبغض النظر عن هذه النماذج، فإن من المهم الوعي بأن عملية مشاركة الشباب والشابات من المهم أن تبتعد عن الرمزية ولا تقتصر على استشارتهم فقط، إنما تعزز دور الشباب الحقيقي والإيجابي في المجتمع.

 

نماذج في تفسير مستويات ودرجات المشاركة

 

1. سلم المشاركة – روجر هارت Hart’s Ladder of Youth Participation

لعل أشهر ما تم وضعه هو سلم المشاركة من قبل  روجر هارت Roger Hart والذي يتكون من ثمان مستويات، الثلاث الأولى منه اعتبرهم مشاركة غير حقيقية حيث يمكن أن تكون في ظاهرها مشاركة إلا أنها ليست مشاركة حقيقية ذات تأثير، بينما وضع أربعة درجات للمشاركة الحقيقية التي تتمثل أعلى درجاتها في أن تكون البرامج والمشروعات بمبادرة من الشباب والقرار فيها مشتركاً بينهم والكبار في المجتمع.

 

 

2. درجات المشاركة  –  فيل تريسدير Degrees of Participation – Phil Treseder

أشار تريسدير إلى خمسة درجات من المشاركة والتي انبثقت من سلم المشاركة لروجر هارت. ويمكن التفريق بين درجات المشاركة ومستويات المشاركة من خلال نقطتين أساسيتين:

 

  • أنه لا يوجد في الواقع ترتيب هرمي أو تسلسل للمشاركة
  • أنه لا يجب أن يكون هناك حد أو سقف لمشاركة الأطفال والشباب، إنما من المهم تمكين الشباب ليتمكنوا من المشاركة الفعالة

 

ويطرح تريسدير خمسة نقاط أساسية ليكون الطفل أو الشاب قادرًا على المشاركة (مبنية على نموذج هودجسون Hodgson لتوافر 5 شروط لتعزيز المشاركة الإيجابية وتمكين الشباب والموضحة في كتابه مشاركة الأطفال والشباب في العمل الاجتماعي (1995). وعليه فمن المهم:

 

  • أن يتمتع الأطفال والشباب بمساحة لأخذ القرار
  • الوصول للمعلومات ذات العلاقة
  • خيارات حقيقية متاحة بين البدائل الموجودة
  • دعم من قبل شخص سواء عامل مع الشباب أو الأهل أو صناع القرار
  • وسيلة لإيصال شكاوى أو ملاحظات الطفل أو الشاب في حال حصول خلل في عملية المشاركة

 

 

للرسم، يتم تفصيل درجات المشاركة كالتالي:

1. تكليف مع توضيح

  • يقرر الكبار في المشروع
  • يتطوع الشباب ويكونوا على دراية بتفاصيل المشروع.
  • يكون الشباب على دراية كاملة بمن يقرر في المشروع وما هو وكيف هو دورهم في عملية صناعة القرار
  • يحترم الكبار آراء الشباب

 

2. التشاور مع الشباب واعلامهم

  • يتم تصميم المشروع من قبل الكبار
  • يتم استشارة الشباب
  • يتم اخذ آراء الشباب بشكل جدي

 

3. الكبار يبادرون بإطلاق الفكرة، وقرار مشترك مع الشباب

  • يبادر الكبار
  • الشباب يتم مشاركتهم في كل خطة في التخطيط والتنفيذ
  • لا يقتصر الموضوع على أخذ آراء الشباب فقط إنما يكون لهم دور أساسي في اتخاذ القرار

 

4. مبادرة من قبل الشباب وصناعة قرار مشتركة مع الكبار

  • الشباب لديهم الفكرة
  • يؤسسون المشروع ويتواصلون مع الكبار للمشروة والنصح
  • لا يوجه الكبار المشروع إنما يوفرون تخصصاتهم للشباب 

 

5. المبادرة وصناعة القرار من الشباب

  • الشباب يبادرون بالفكرة ويتخذون القرار بكيفية تنفيذ المشروع
  • الكبار متاحون لدعم الشباب ولكن لا يأخذون زمام الأمور أو القرار

 

اعتمد سكوت على عجلة المشاركة والتي طورها مع مجلس لارناركشاير الجنوبي والتي تشجع على 4 أبعاد مختلفة لمشاركة الشباب في التخطيط والتطوير للمجتمع. ويرى سكوت بأنه من المهم استخدام مقاربات مبتكرة لتعزيز المشاركة المجتمعية وأن اختيار المقاربة المناسبة يساهم في تعزيز التخطيط. ويشير أن عجلة المشاركة تساهم في الحد من عدم الوضوح في عملية التشاور  والاعتماد على الأدوات التشاركية غير المناسبة:

 

 

 

 

5. الإطار المفاهيمي للمشاركة – اليونيسف

يطرح هذا الإطار  ثلاثة عناصر أساسية لتعزيز مشاركة الشباب والشابات الإيجابية في المجتمع:

 تعزيز القدرات، توفير الفرص وإيجاد البيئة الداعمة والمحفزة لتكون المشاركة بفعالية وذات مغزى. ويركز هذا الإطار على توسيع مساحات المشاركة (المحاور الأربعة) إلى أقصى حد حسب القدرات المتنامية لتأخذ بعين الاعتبار المساحة المحلية والوطنية والعالمية.

يساعد مثل هذا الإطار على تحليل واقع مشاركة الشباب

 

  • هل يمتلك الشباب القدرات التي تمكنهم من المشاركة؟
  • هل تتوفر الفرص التي يمكن أن يشارك من خلالها الشباب؟ 
  • هل هنالك بيئات آمنة وداعمة لمشاركة الشباب؟
  • هل الأدوار التي يقوم بها الشباب تتجاوز الإنصات وتصل إلى درجة صنع القرار؟
  • هل تتجاوز مشاركة الشباب في مستواها التكليف إلى أن تصل إلى أن تكون بمبادرة من الشباب ومشاركة فعالة من الكبار؟
  • هل تتجاوز مشاركة الشبابِ الأسرةَ إلى البيئة المؤسسية فتصل لدرجة المشاركة في المؤسسات العامة؟
  • هل تتجاوز مشاركة الشباب المحلية كإطار جغرافي وتصل للعالمية؟

يلخص الشكل التالي كل التساؤلات السابقة

 

 

6. مقاربة العدسات الثلاثة للمشاركة – DFID /Three-lens approach to participation

 

 

ينادي هذا النموذج لأهمية العمل بشكل إيجابي نحو الشباب كمستفيدين، والعمل معهم كشركاء وتشكيل دورهم كقادة في المجتمع. ويتبنى النهج المبني على الموارد في تعزيز مشاركة الشباب في العملية التنموية:

 

  • من المهم مراعاة العدسات الثلاثة في العمل مع الشباب، ولا يعني أن هذه العدسات تتنافى أو تتعارض إنما تمثل مزيج من الثلاث عدسات في تعزيز مشاركة الشباب
  • هذا النموذج ديناميكي، ويعتمد على طبيعة السياق، بحيث قد تتناسب عدسة عن غيرها في سياق ما عن غيره
  • يسعى هذا النموذج لتعزيز دور الشباب كشركاء وقادة، أي وجود وكالة للشباب Youth Agency والقدرة على الفعل، وتعزيز المهارات والقدرات والإمكانات ليكون لهم دور إيجابي في المجتمع وحياتهم
  • كون الشباب شركاء وقادة، لا ينفي أنهم مستفيدون من البرامج أيضا

 

 

 


[1]   حق اليافعين في المشاركة: نهج استراتيجي،  منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، 2001،

[2]  مجيد راهينيما، المشاركة، من كتاب “قاموس التنمية”، ترجمة أحمد محمود، الطبعة الأولى 2008، المركز القومي للترجمة/ مصر.

المراجع

  • Common Creatives (2011). Participation Models: Citizens, Youth, Online, A chase through the maze
  • DFID-CSO Youth Working Group (2010): Youth participation in development.
  • Phil Treseder (1997): Empowering children and young people: promoting involvement in decision-making.
  • Scott Davidson (1998): Spinning the wheel of empowerment. In: Planning. Vol. 1262.
  • UNICEF (2001): The participation rights of adolescents: a strategic approach. UNICEF Working Paper Series.

 

 

ما مدى فائدة هذه المقالة؟

انقر على نجمة للتقييم!

متوسط تقييم 4.3 / 5. عدد الأصوات: 7

لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذه المقالة.

نأسف لأن هذه المقالة لم تكن مفيدة لك!

دعنا نحسن هذه المقالة!

أخبرنا كيف يمكننا تحسين هذه المقالة؟

شارك
الأكثر قـــــراءة
تدريب المهارات النفسية للرياضيين شباب بيديا

4.8 (13)       د. أحمد الحراملة  استاذ مشارك في علم النفس الرياضي رئيس […]

دور الجهات السعودية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (ما يتعلق... مقالات

5 (1)       مروان عبد الحميد الخريسات مستشار وخبير في التخطيط الاستراتيجي والتنمية […]

العمل الشبابي الرقمي.. تطلُّعٌ نحو التوسُّع والانتشار مقالات

5 (15)       محمد العطاس       مقدمة: أثّرت التقنيات الرقمية على […]

تأهيل العاملين مع الشباب (أخصّائي الأنشطة المدرسية) مقالات

5 (3)         إعداد:  د. محمود ممدوح محمد مرزوق تحرير: قسم المحتوى […]

مقاربات في العمل مع الشباب شباب بيديا

5 (1)             المحتوى: ما هي المقاربة؟ ما هي المقاربات […]