العمل الشبابي في عصر الرقمنة
0
(0)

 

المقدمة

يشهد العالم اليوم تطوراتٍ وتسارعاً كبيراً في جميع المجالات (السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، العلمية) ويعد هذا نتيجة للتقدم الذي تعرفه التكنولوجيا الحديثة في عصرها الحالي؛ مما دفع بمختلف الهيئات والإدارات والمؤسسات إلى القيام بمشاريع الرقمنة التي تخص أنشطتها وتعاملاتها الإدارية، بغرض تحسين الخدمة العمومية، وعصرنة طرق التسيير. ومن أجل تنفيذ مشاريع الرقمنة تحتم على الهيئات والإدارات توفير جملة من المتطلبات والدعامات التي ترتكز عليها عملية التحول من البيئة التقليدية إلى البيئة الرقمية الحديثة؛ حتى تحقق الغايات والأهداف التي تصبو إليها ([1]).

لم يعد التحول الرقمي رفاهيةً يمكن الاستغناء عنها في الوقت الحالي، خاصة بالنسبة للمؤسسات والهيئات التي تتعامل مباشرة مع الجمهور، والتي تسعى إلى التطوير وتحسين خدماتها، وتسهيل وصولها للمواطنين، ويتجاوز مفهوم التحول الرقمي استخدام التطبيقات التكنولوجية ليصبح منهجاً وأسلوب عمل يجمع المؤسسات الحكومية؛ ليصبح تقديم الخدمات أسهل وأسرع.

فقد أكد خبراء اقتصاديون وتقنيو معلومات على أهمية تعزيز المهارات الرقمية لدى الشباب، والعمل عليها في مراحل التعليم الأساسي والجامعي، والذي اعتبروه أداةً أساسية للمساهمة في حل مشكلة البطالة. يؤكد الخبراء أنَّ تعزيز المهارات الرقمية لدى الشباب اليوم سيمكنهم من زيادة فرصهم في الحصول على فرص عمل، خصوصاً مع الثورة الصناعية الرابعة التي أدمجت التقنية في كل القطاعات من جهة، وللمرونة التي توفرها التقنية في تمكين الشباب من فرص كبيرة للعمل عن بعد، بالإضافة إلى دور الحكومة في مجال تعزيز المهارات الرقمية للشباب وإدماجها أو إدخالها في مراحل التعليم المختلفة؛ حتى يكون الشاب جاهزاً لمهن المستقبل التي تعتمد على التقنيات الحديثة أو العمل في القطاعات الاقتصادية كافة والتي بدأت معظمها بالتحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا في عملها، والعمل كذلك على ردم الفجوة الرقمية كبنية تحتية وكمهارات بين مختلف المناطق وبين الجنسين ذكوراً وإناثاً.

 

أولاً: مقدمة عن الرقمنة والتحول الرقمي

يثير الحديث عن التحول الرقمي مفاهيم أخرى، ومن الأهمية بمكان فصل الخلط بينها وبين التحول الرقمي، وهي الترقيم والرقمنة؛ فالترقيم: هو عملية تحويل وإعادة عرض المعلومات في صورتها الأصلية (ملفات ورقية، ملفات صوتية، صور…) إلى صيغة رقمية، والتي يمكن استخدامها من خلال أنظمة الحاسوب، بطرق متعددة، وبالتالي يمكن تشغيل كم كبير من البيانات والحصول على معلومات قيّمة للمساعدة في اتخاذ القرار، أما الرقمنة فهي استغلال التكنولوجيا الرقمية، والملفات المرقمنة في تحويل نشاط معين، أو إجراء، أو خدمة، أو بروتوكول محدد من العالم الواقعي الملموس إلى عالم الحواسيب، والإنترنت، و الأجهزة الإلكترونية([2])، مثل: تحويل عمليات التسجيل، و الانتهاء من ملء الاستمارات الورقية إلى التسجيل عبر المواقع الإلكترونية، أو استبدال الدفع عبر النقود إلى الدفع عن طريق التحويلات البنكية، أو (بايبال).

أما التحول الرقمي، فيشمل كافة جوانب الأعمال، مثل: استخدام العمليات والتقنيات الرقمية الحديثة لإنشاء تطبيقات، واستخدامات جديدة في الأعمال، وخير مثال هو تحويل العمل خلال الحجر الصحي من العمل بالمكاتب إلى العمل عن بعد، بكل ما يستلزمه الأمر من رقمنة أو ترقيم.

 

ثانيّاً: المملكة العربية السعودية والتحول الرقمي ([3])

مع التطور السريع في عالم التقنية، واتجاه الحكومات والمؤسسات نحو الرقمنة في كافّة خدماتها؛ حرصت المملكة العربية السعودية على تبني مفهوم التحول الرقمي الحكومي باستبدال العمليات الرقمية بالتقليدية، ووضع خطط واستراتيجيات (خمسية) لضمان تحقيق أهدافها بجودة وكفاءة، حيث تهدف للوصول إلى حكومة رقمية متكاملة تيسر كافة الخدمات للمستفيدين.

 

البنية التحتية الرقمية:

تتمتع المملكة ببنية تحتية رقمية قوية ساهمت في تسريع عملية التحول الرقمي فيها. وعملت هذه البنية على تمكين المملكة لمواجهة الأزمات المُعطَّلة لكافّة الخدمات في القطاعين العام والخاص، كما ساهمت في استمرارية الأعمال والعمليات التعليمية وكافّة متطلبات الحياة اليومية للمواطن والمقيم في ظل جائحة كورونا (كوفيد-19). وقد صُنّفِتِ المملكة ضمن أفضل عشر دول متقدمة في العالم؛ وذلك لما تمتلكه من متانة في البنية التحتية الرقمية.

 

الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي:

عملت المملكة على وضع استراتيجية خمسية ضمن ثلاث خطط عمل:

  • خطة العمل الأولى: (2006-2010( سعت إلى أن يتمكن الجميع بنهاية عام (2010) م، من أي مكان وفي أي وقت، من الحصول على الخدمات الحكومية بمستوى متميز وبطريقة متكاملة وسهلة من خلال الكثير من الوسائل الإلكترونية الآمنة.
  • خطة العمل الثانية: (2012-2016( سعت إلى تمكين الجميع من استخدام خدمات حكومية فعالة بطريقة آمنة ومتكاملة وسهلة؛ من خلال قنوات إلكترونية متعددة.
  • خطة العمل الثالثة: (2020-2024( هي خطة العمل الحالية، والتي تسعى للوصول إلى مفهوم “الحكومة الرقمية”.

 

هيئة الحكومة الرقمية:

صدرت موافقة مجلس الوزراء على إنشاء هيئة الحكومة الرقمية، وفقاً لقرار المجلس رقم (418) وتاريخ 1442/7/25هـ. وتضمن القرار أنْ “تتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وترتبط تنظيميّاً برئيس مجلس الوزراء”، وأنها “الجهة المختصة بكل ما يتعلق بالحكومة الرقمية، وتعد المرجع الوطني في شؤونها، وتهدف إلى تنظيم أعمال الحكومة الرقمية في الجهات الحكومية؛ من أجل الوصول إلى حكومة رقمية استباقية ومُبادرة وقادرة على تقديم خدمات رقمية ذات كفاية عالية، وتحقيق التكامل في مجال الحكومة الرقمية بين كافة الجهات الحكومية.”.

خدمات هيئة الحكومة الرقمية المقدمة للجهات الحكومية:

تسعى المملكة إلى تمكين الجهات الحكومية رقميّاً؛ من خلال عدد من البرامج المُقدّمة من هيئة الحكومة الرقمية بهدف تقديم خدمات مُيسّرة للمواطنين.

 

تهدف القناة إلى تفعيل تبادل البيانات الحكومية المشتركة بين الجهات المصرّح لها في استخدام البيانات، لتتصل جميعها سويّاً، وتقدّم خدمات حكومية إلكترونية بطريقة مُيسّرة، ودقيقة، وسريعة، وآمنة.

 

يعمل المركز على إتمام عدد من الخدمات التوثيقية الرقمية لمختلف المتعاملين (حكومة، مواطنين، أعمال) في إجراء مختلف العمليات الإلكترونية بسرية وموثوقية وسلامة تامة بتقديمه لعدد من الخدمات:

1.خدمات التصديق الحكومي:

  • خدمة جاهز
  • خدمة رابط
  • خدمة تكامل
  1. شهادات التصديق الحكومي:
  • شهادة البريد الآمن
  • شهادة الاسم
  • شهادة الموقع الآمن
  • شهادة الأجهزة
  • النظام الوطني الموحد للمراسلات الحكومية

 

منصة متكاملة تشمل جميع الجهات الحكومية؛ لتبادل المراسلات والوثائق الحكومية بطريقة إلكترونية آمنة، وسهلة، وعالية الجودة، وموفرة للوقت والجهد والتكلفة؛ من أجل الوصول إلى مفهوم “حكومة بلا ورق”.

برامج دعم وتمكين الخدمات الحكومية

 

  • مركز تطوير الحكومة الذكية GOVx:

 مركز متخصص للاستفادة من الأدوات والأساليب والتقنيات المتطورة التي تمكّن من رفع سقف الابتكار في المجالات الحكومية الرقمية؛ لتحسين تجربة المستخدم النهائي بتطلعات عالمية، ويحوي المركز ثلاثة أقسام:

  1. مركز الكفاءات الرقمية: يهدف إلى تنمية القدرات الرقمية لدعم برامج التحول الرقمي.
  2. مركز الاستشارات الرقمية: يهدف إلى دعم جهود التحول الرقمي على نطاق الجهات الحكومية.
  3. مركز الابتكار الرقمي: يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في آليات عمل الجهات الحكومية.

 

  • مرصد الخدمات الحكومية:

نظام يقيس مدى نضج الخدمات الرقمية؛ لرفع مستواها حتى تصل إلى النضج الكامل، وتتحول من خدمة تقليدية إلى رقمية بنسبة 100٪، كما يعمل النظام على توحيد الخدمات لدى الجهات التي لديها أعمال مشتركة.

 

  • قياس التحول الرقمي الحكومي:

انطلقت “مبادرة قياس” من أجل المساهمة في تطوير الحكومة الرقمية من خلال متابعتها بشكل دوري وفق منهجية واضحة ومؤشرات قياس عالمية.

 

  • بوابة قيادات تقنية المعلومات:

بوابة تفاعلية موجهة للقيادات التقنية في الجهات الحكومية لتمكينهم من الحصول على الخدمات والتطبيقات الوطنية المشتركة لدعم وتمكين التحول الرقمي الحكومي في المملكة. كما تتيح لمدراء تقنية المعلومات من الاستفادة الفاعلة من الخدمات وتحديثها بشكل مباشر.

 

خدمات هيئة الحكومة الرقمية المقدمة للمواطن:

المنصة الوطنية الموحدة(GOV.SA): هي رحلة طموحة لبناء منظومة متكاملة تقدم كافة الخدمات الحكومية بجودة وكفاءة عالية؛ عبر تجربة موحدة من خلال قنوات متعددة. نقدم خدماتنا لك، سواء كنت مواطناً، أو مقيماً، أو صاحب عمل تجاري، أو زائراً للمملكة العربية السعودية بطريقة مخصصة واستباقية تلائم طموحاتك وتطلعاتك.

مركز تفاعل المواطنين (آمر): تتعدد الخدمات الإلكترونية المقدمة من قبل الجهات الحكومية، والتي يستخدمها آلاف المواطنين يوميًا؛ لذلك أُطلق مركز تفاعل المواطنين (آمر)؛ من أجل الردّ على جميع الاستفسارات المتعلقة بالخدمات الإلكترونية، من خلال عدد من قنوات التواصل:

  1. الرقم المجاني
  2. الرسائل النصية
  3. المحادثة الفورية
  4. البريد الإلكتروني
  5. الفاكس
  6. قنوات التواصل الاجتماعي

كما يوفّر المركز خدمات الترجمة المرئية بلغة الإشارة لفئة الصم، مع وجود خصوصية نسائية بوجود مترجمات.

وحدة التحول الرقمي: هي أحد البرامج الأساسية المحققة لرؤية المملكة (2030) والتي تعمل على تسريع التحول الرقمي في المملكة من خلال التوجيه الاستراتيجي وتقديم الخبرة والإشراف عبر التعاون المشترك مع الجهات الحكومية والخاصة؛ من أجل رفع مؤشر المملكة عالميّاً كأعلى الدول المتطورة رقميّاً، من خلال تنمية اقتصادية مستدامة تعتمد على تعزيز قيم ومفاهيم الابتكار والاستثمار في المواهب الشابة.

 

البرامج والمنصات الرقمية:

  • مبادرة العطاء الرقمي: مبادرة تخصصية غير ربحية أطلقتها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات؛ بهدف نشر الوعي الرقمي بين كافة أفراد المجتمع. تقدم المبادرة عدداً من الدورات المتخصصة في مجال التحول الرقمي وأمن

المعلومات، وعدداً من الندوات مع الخبراء والمختصين، كما تتيح فرصة طرح الأسئلة لتحصل على الإجابة الصحيحة من المختصين في المجال.

 

  • مجلة الحكومة الرقمية: أول مجلة إلكترونية سعودية متخصصة في القطاع الحكومي، توفّر للزوار والمهتمين وقادة التحول الرقمي محتوىً متخصصاً في مجال البيانات؛ الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي وكافة التقنيات الناشئة على مستوى محلي وعالمي.

 

ثالثاً: فجوة العمل الشبابي في عصر الرقمنة-فجوة المعرفة والمهارات والاتجاهات (YWGASK)

تتمثل فجوة العمل الشبابي في الفارق بين ما يملكه الشباب من معارف واتجاهات ومهارات، وبين ما يتطلبه سوق العمل. يركز المهتمون بالتنمية البشرية على ثلاث مكوِّنات للأداء الشبابي في العمل، وتلخصها الكلمة الإنجليزية (ASK) والتي تعد اختصاراً لثلاثة أمور يستهدف تنميةَ البشر إكسابُها أو تغييرها لدى الشباب، وهي: الاتجاهات (Attitudes) والمهارات (Skills) والمعارف Knowledge)). وبهذا فإنَّ سد الفجوة يعتمد على هذه العملية والجهد المنظم الذي يهدف إلى إكساب/تغيير اتجاهات ومهارات ومعارف لدى الشباب ([4]).

تزداد فجوة العمل الشبابي في ظل التحول الرقمي؛ حيث تعترف الأمم المتحدة بالفجوة الرقمية، والتي ترى أنَّ الاحتياج إلى المهارات الرقمية يزداد في أماكن العمل في جميع أنحاء العالم، نظراً لأن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات تحول الوظائف بسرعة في دوائر الصناعة، بما في ذلك الزراعة، والترفيه، والخدمات المالية، والصحة، والنقل. ستُتاح عشرات الملايين من الوظائف للأشخاص ذوي المهارات الرقمية المتقدمة في السنوات المقبلة، مع توقع بعض الاقتصادات لفجوة في المواهب فيما يخص العمال ذوي المهارات الرقمية المتقدمة، ويصنف البعض الآخر أخصائي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من بين أسرع الأدوار نموّاً لديهم. ([5]) 

 

رابعاً: إدارة التغيير والمهارات الرقمية المطلوبة لسد فجوة العمل الشبابي

يجب أنْ نضع في الاعتبار اختلاف أنواع المهارات الرقمية المطلوبة للنجاح، فهي تختلف اليوم اختلافاً هائلاً عن المهارات التي كانت مطلوبة؛ حتى قبل مجرد خمس سنوات، فقد كنّا قادرين على تحديد مجموعة منفصلة من المهارات الرقمية، وواثقين من أنَّ برامج التدريب سوف تزوِّدُ المواطنين بهذه المهارات، وكانت البرامج تشمل عدة موضوعات، مثل: العمليات الأساسية للمعدات، والبرمجيات، والبريد الإلكتروني، والبحث، أما اليوم فإننا نحتاج باستمرار إلى استعراض وتحديث تلك المهارات الرقمية موضوع التدريس؛ نتيجة للتقنيات والابتكارات الجديدة من قبيل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، وسلسلة كُتل البيانات والحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، والتعلم الآلي، والتطبيقات المتنقلة. وإزاء هذه الخلفية السريعة التغير أصبح من المهم للبلدان التي لديها برامج تدريب قائمة على المهارات الرقمية أنْ تقوم بتحديث استراتيجياتها، وللبلدان التي لم تطلق بعد برنامجاً وطنياً للمهارات الرقمية أن تقوم بذلك. ([6])

فالمهارات الرقمية تمتد عبر طيف مستمر، من الأساسية إلى المتقدمة، وتشمل “توليفة من السلوكيات، والدراية، والمعرفة، وعادات العمل، والخصائص الشخصية والميول، ومواقف الفهم الحرجة. ([7])

  1. ​المهارات الرقمية المتقدمة: هي مهارات مطلوبة لاستحداث، وإدارة، واختبار، وتحليل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتتعلق بتطوير التكنولوجيا؛ بما في ذلك التشفير والبرمجيات، وتطوير التطبيقات، وإدارة الشبكات، والتعلم الآلي، وتحليل البيانات وإنترنت الأشياء (IoT)، والأمن السيبراني، وتكنولوجيا سلسلة كتل البيانات.
  2. المهارات الرقمية الأساسية: هي مهارات عامة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مطلوبة لجميع الوظائف تقريباً، وتشمل البحث على شبكة الإنترنت، والتواصل عبر الإنترنت، واستخدام المنصات الإلكترونية المهنية والخدمات المالية الرقمية.
  3. المهارات الرقمية من المستوى المتوسط: تشمل التصميم البياني الرقمي، والتسويق والنشر المكتبي، وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي، فيما يخص فرص العمل وريادة الأعمال.
  4. المهارات الشخصية: هي مهارات ضرورية للتعاون الفعّال في الاقتصاد الرقمي، وتشمل: العمل الجماعي، والقيادة، والتواصل، والتركيز على العملاء، وما إلى ذلك.
  5. ريادة الأعمال الرقمية: تشير إلى المهارات الرقمية التي يطلبها رواد الأعمال، بما في ذلك بحوث السوق على الخط، والتخطيط الاستراتيجي، وتحليل الأعمال واستخدام منصات التمويل الجماعي.

وبشكل عام هناك نوعان من المهارات يتطلبها الشباب؛ الأولي: المهارات الرقمية، والثانية مهارات الملاحة الرقمية. فالأولى: تتعلق بالمهارات التكنولوجية أمّا الثانية تتعلق بالبحث والترتيب للبيانات، وتقييم موثوقيتها… ([8])

 

خامساً: تجارب ناجحة في مجال تمكين الشباب للعمل في ظل التحول الرقمي

  • الاتحاد الدولي للاتصالات

في يونيو (2017)، أطلق الاتحاد الدولي للاتصالات ومنظمة العمل الدولية حملة مشتركة بشأن المهارات الرقمية؛ من أجل فرص العمل اللائقة للشباب، وترمي إلى تعبئة الإرادة السياسية والموارد اللازمة لتزويد خمسة ملايين شاب وشابة بالمهارات الرقمية المؤهِّلة للتوظيف بحلول (2030) دعماً لأهداف التنمية المستدامة (SDG) التي حددتها الأمم المتحدة.

وكجزء من هذه الحملة، دعا الاتحاد، ومنظمة العمل الدولية، (ILO) ووكالات دولية أخرى، الحكوماتِ وأصحاب المصلحة الآخرين إلى وضع برنامج عالمي لسد فجوة المهارات الرقمية. توفر مجموعة أدوات المهارات الرقمية للاتحاد توصيات للحكومات لوضع استراتيجيات وطنية لتنمية المهارات الرقمية لجميع المواطنين؛ من أجل حياتهم اليومية وعملهم في ظلّ الاقتصاد الرقمي المتنامي، وتشكيل جزءٍ من الدعم الذي يقدمه الاتحاد للحملة.

 

  • تجربة المملكة العربية السعودية

كانت السعودية أول دولة تطلق سياسة للاقتصاد الرقمي، تحكي فيها توجهاتها في مجال الاقتصاد الرقمي، وتغطي هذه السياسة مجموعة من المعايير من حرية البيانات والاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي وتمكين المرأة والشباب. وكذلك كانت الأولى على مستوى دول مجموعة العشرين في التحول الرقمي الصاعد حيث قفزت (149) مركزًا. وفي تقرير ممارسة الأعمال (2020) الصادر عن البنك الدولي، حققت المملكة المركز الأول عالميّاً بين (190) دولة على مؤشر إصلاحات بيئة الأعمال.

والسعودية كانت أول دولة تستخدم (البلوك تشين) في نطاق التجارة العالمية خارج عمل البنوك، وفقاً للمدير الإقليمي لشركة ميرسك، محمد شهاب. وكانت هيئة الجمارك السعودية قد قامت بإطلاق أول شحنة من ميناء الملك عبد العزيز بالدمام إلى ميناء روتردام بهولندا في (12) مايو (2019) بنظام البلوك تشين.

وتلعب هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات دوراً في تمكين الشباب نحو التمكين الرقمي من خلال  برنامج التحول الوطني (2020) يتضمن أهدافاً استراتيجية متعلقة بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، من أبرزها تطوير البنية التحتية لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات والنطاق العريض، والابتكار في التقنيات المتطورة، والاستثمار في الاقتصاد الرقمي، والكوادر البشرية الوطنية، وبناء جيل فاعل قادر على استخدام أحدث التقنيات، وتأسيس الاقتصاد القائم على المعرفة بما يتسق مع رؤية المملكة (2030) وذلك من خلال الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.

 

التوصيات

  • يمكن للحكومات أن تضع استراتيجياتٍ وطنيةً لتطوير المهارات الرقمية للشباب، وبناء بيئة مواتية للابتكار وروح المبادرة، واستحداث فرص العمل في الاقتصاد الرقمي. وضعت المملكة العربية السعودية تلك الاستراتيجية، وهي بحاجة إلى متابعة بإحكام من أجل أنْ تؤتي ثمارها.
  • ويمكن للقطاع الخاص، بوصفه المستخدِم الرئيسي للشباب ذوي المهارات الرقمية، أن يوفر فرص التعلم في مكان العمل لتعزيز آفاق العمل طويلة الأجل للشابات والشبان.
  • وتؤثر الشركات الصغيرة والمتوسطة والمشاريع المبتدئة العاملة في مجال التكنولوجيا تأثيراً كبيراً على فرص النمو الاقتصادي والعمالة والاستثمار؛ ونتيجة لذلك تقوم العديد من الحكومات الآن بدعم إنشاء هذا القطاع الاقتصادي وتطويره واستحداث فرص العمل.

 

وفي النهاية يقدم البنك الدولي عدداً من التوصيات في هذا الشأن. ([9])

  • استخدام بنية تحتية ملائمة لتعزيز إنشاء منصات رقمية متنوعة، واستخدامها في القطاع العام؛ بغية تسريع تقديم الخدمات، وإشراك المواطنين هو أمر بالغ الأهمية.
  • تطوير محتوى رقمي، وخدمات رقمية على المستوى الوطني، مثل: خدمات الصحة الإلكترونية، والتعليم الإلكتروني، وتطبيقات الحكومة الرقمية؛ لخلق ثقافة المعاملات الرقمية. وفهم التطوير المستند إلى البيانات يُعد أمراً على القدر نفسه من الأهمية.
  • الارتقاء بمهارات القوى العاملة وإكسابها مهارات جديدة، خاصة من موظفي الخدمة المدنية، والمعلمين، وموظفي القطاع الخاص، والقوى العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات؛ وذلك من أجل التكيّف مع “الوضع الطبيعي الجديد”، هو أمر ضروري. ويجب تصميم مناهج تعليمية قوية وأيضاً مسارات تعلم موجهة من أجل تنمية المهارات التنافسية في قطاعات محددة، من خلال المدارس، والجامعات، والقطاع الخاص، وأكاديميات الخدمة العامة. ويُعد إشراك النساء والفئات الضعيفة من الشباب في برامج المهارات الرقمية أمراً أساسيّاً. وللمهارات الرقمية بالفعل أهمية بالغة في ضمان استيعاب المحتوى الرقمي والخدمات الرقمية.
  • إعادة تنظيم استراتيجيات الاقتصاد الرقمي لتناسب السياقات المحلية؛ من أجل تسخير القوة الكاملة للتكنولوجيا في الثورة الصناعية الرابعة، والتي تُعد أمراً ضرورياً. يجب على مختلف البلدان النظر في الاستخدام المتعلق بالسياق لعلوم البيانات، والحوسبة السحابية والذكاء الصناعي، والتحليلات الرقمية المتقدمة.
  • يمكن أن يشكّل النمو الكلي في الخدمات الرقمية أداة لا تتأثر بالركود، وتمثل فرصة للنمو في ظروف الاقتصاد الكلي الذي يعاني من قلة الموارد.

 


 

            قائمة المراجع:

  1. الاتحاد الدولي للاتصالات، مجموعة أدوات المهارات الرقمية (2018).
  2. أحمد فرج أحمد، الرقمنة: داخل مؤسسات المعلومات أم خارجها؟ دراسة في الإشكاليات ومعايير الاختيار، دراسات المعلومات، العدد الرابع، يناير (2009).
  3. أحمد محروس خضير، التدريب الإداري: مدخل للإصلاح الحكومي، العين: دار الكتاب الجامعي، (2016) الأمم المتحدة الشمول الرقمي للشباب على الموقع: https://www.itu.int/ar/mediacentre/backgrounders/Pages/digital-inclusion-of-youth.aspx
  4. سارة غران كليمات، التعلم الرقمي، التربية والمهارات في العصر الرقمي، مؤسسة راند، (2017). ص 3
  5. سامية ملحم، مريم لوال،   ساجيتا بشير، تعزيز القدرات الرقمية في عالم ما بعد فيروس كورونا المستجد، مدونات البنك الدولي على الموقع: https://blogs.worldbank.org/ar/digital-development/enhancing-digital-capabilities-post-covid-19-world
  6. صالح لبعير، أثر التحول نحو الرقمنة وفعاليته على الاتصال داخل المؤسسة: دراسة ميدانية لعينة من طلبة المسيلة، رسالة ماجستير في علوم الإعلام، جامعة محمد بوضياف، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، (2020).
  7. المنصة الوطنية الموحدة، على الموقع:
  8. https://www.my.gov.sa/wps/portal/snp/aboutksa/digitaltransformation/!ut/p/z1/jZDbCoJAEIafxltnNg9Jd6sGoZYunWxvwsJWQV1Ry9dPqhuh09zN8P3Dxw8cYuBVcstF0uWySophP3Dz6EWWTiiS0DJ0B9l6vnENO5owSmA_BkLNsJE5y2lI1zuCaAD_J48fhuLvPH8gPgtwYeuDwYqYyNjGdQJ_Oxl-vIBvig_gi4MHXBTy9OyDVifNEsCb9JI2aaNem-GcdV3dzhRUsO97VUgpilQ9y1LBd5FMth3EYxLqchtjHpV7q6V34r54ow!!/dz/d5/L0lDUmlTUSEhL3dHa0FKRnNBLzROV3FpQSEhL2Fy/
  9. Broadband Commission for Sustainable Development (2017) Working Group on Education: Digital[1] skills for life and work p4… 
  10. Communication from the Commission – A Digital Agenda for Europe [COM (2010) 245 final, http://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/TXT/?uri=celex:52010DC0245]; https://ec.europa.eu/digital-agenda/
  11. Council Resolution on a renewed framework for European cooperation in the youth field (2010-2018), http://eur-lex.europa.eu/legalcontent/EN/TXT/?qid=1390996863108&uri=CELEX:32009G1219%2801%29.
  12. European commission, Developing digital youth work Policy recommendations and training needs. For youth workers and decision makers Expert group set up under the European Union Work Plan for Youth for 2016-2018.
  13. European Commission, Study on the impact of internet and social media on youth participation and youth work, Consortium led by Open Evidence (preliminary results, to be published in 2018)
  14. European Union Work Plan for Youth for 2016-2018, http://eur-lex.europa.eu/legalcontent/EN/TXT/?uri=celex:42015Y1215%2801%29.
  15. file:///C:/Users/mtc/Downloads/Digital%20Youth%20Work.html
  16. https://www.digitalyouthwork.eu/good-practices/
  17. https://www.verke.org/material/guidelines-for-digital-youth-work/?lang=en
  18. HUMAK University of Applied Sciences, Finland in collaboration with Maynooth University, Ireland, Youth Work in Digital World What is Digital Youth Work?
  19. National Agency for Erasmus+/Youth in Action Austria (2017):https://www.saltoyouth.net/tools/european-training-calendar/training/conference-digital-youth-work.6839/ National Agency for Erasmus+/Youth in Action, Finland (2018): Strategies for Digital Youth Work https://www.salto-youth.net/tools/european-training-calendar/training/strategies-for-digitalyouth-work.6989/

 

 

[1] صالح لبعير، أثر التحول نحو الرقمنة وفعاليته على الاتصال داخل المؤسسة: دراسة ميدانية لعيّنة من طلبة المسيلة، رسالة ماجستير في علوم الإعلام، جامعة محمد بوضياف، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية،2020. ص 4

[2] أحمد فرج أحمد، الرقمنة: داخل مؤسسات المعلومات أم خارجها؟ دراسة في الإشكاليات ومعايير الاختيار، دراسات المعلومات، العدد الرابع، يناير 2009. ص 11

[3] المنصة الوطنية الموحدة، على الموقع: https://www.my.gov.sa/wps/portal/snp/aboutksa/digitaltransformation/!ut/p/z1/jZDbCoJAEIafxltnNg9Jd6sGoZYunWxvwsJWQV1Ry9dPqhuh09zN8P3Dxw8cYuBVcstF0uWySophP3Dz6EWWTiiS0DJ0B9l6vnENO5owSmA_BkLNsJE5y2lI1zuCaAD_J48fhuLvPH8gPgtwYeuDwYqYyNjGdQJ_Oxl-vIBvig_gi4MHXBTy9OyDVifNEsCb9JI2aaNem-GcdV3dzhRUsO97VUgpilQ9y1LBd5FMth3EYxLqchtjHpV7q6V34r54ow!!/dz/d5/L0lDUmlTUSEhL3dHa0FKRnNBLzROV3FpQSEhL2Fy/

[4] أحمد محروس خضير، التدريب الإداري: مدخل للإصلاح الحكومي، العين: دار الكتاب الجامعي، 2016. ص 8

[5] الأمم المتحدة الشمول الرقمي للشباب على الموقع: https://www.itu.int/ar/mediacentre/backgrounders/Pages/digital-inclusion-of-youth.aspx

[6] الاتحاد الدولي للاتصالات، مجموعة أدوات المهارات الرقمية، 2018. ص6

Broadband Commission for Sustainable Development (2017) Working Group on Education: Digital[7]  skills for life and work p4… 

[8] سارة غران كليمات، التعلم الرقمي، التربية والمهارات في العصر الرقمي، مؤسسة راند، 2017. ص 3

[9]  سامية ملحم،  مريم لوال،   ساجيتا بشير، تعزيز القدرات الرقمية في عالم ما بعد فيروس كورونا المستجد، مدونات البنك الدولي على الموقع: https://blogs.worldbank.org/ar/digital-development/enhancing-digital-capabilities-post-covid-19-world

 

 

 

 

ما مدى فائدة هذه المقالة؟

انقر على نجمة للتقييم!

متوسط تقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0

لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذه المقالة.

نأسف لأن هذه المقالة لم تكن مفيدة لك!

دعنا نحسن هذه المقالة!

أخبرنا كيف يمكننا تحسين هذه المقالة؟

شارك
الأكثر قـــــراءة
تدريب المهارات النفسية للرياضيين شباب بيديا

4.8 (13)       د. أحمد الحراملة  استاذ مشارك في علم النفس الرياضي رئيس […]

دور الجهات السعودية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (ما يتعلق... مقالات

5 (1)       مروان عبد الحميد الخريسات مستشار وخبير في التخطيط الاستراتيجي والتنمية […]

العمل الشبابي الرقمي.. تطلُّعٌ نحو التوسُّع والانتشار مقالات

5 (15)       محمد العطاس       مقدمة: أثّرت التقنيات الرقمية على […]

تأهيل العاملين مع الشباب (أخصّائي الأنشطة المدرسية) مقالات

5 (3)         إعداد:  د. محمود ممدوح محمد مرزوق تحرير: قسم المحتوى […]

مقاربات في العمل مع الشباب شباب بيديا

5 (1)             المحتوى: ما هي المقاربة؟ ما هي المقاربات […]