محمد العطاس
مقدمة:
أثّرت التقنيات الرقمية على سائر مجالات الحياة بشكلٍ كبيرٍ ومتفاوت في آنٍ واحد؛ ففي حين كانت مجالات مثل الصحة والصناعة والخدمات تحظى بأوفر الحظ والنصيب من هذه التقنيات؛ لم يكن المجال الاجتماعي محظيًا بمثل هذا النصيب فظلّ العمل التقليدي سائدًا مع استخدام القليل من وسائل التقنية حيثُ التعاملات المباشرة مُفضّلةً في مراكز ومؤسسات العمل الاجتماعي المختلفة ومنها بيئات العمل الشبابي التي يعمل فيها الشباب والعاملون مع الشباب معًا ووجهًا لوجه ، مثل: المراكز الشبابية، الجمعيات الشبابية، أندية الحي، الأندية الطلابية، الكشافة، دور تحفيظ القرآن الكريم، المبادرات الشبابية، الوحدات الشبابية.. وغيرها من البيئات الشبابية في المملكة. وبالتوازي كانت هنالك بيئات شبابية افتراضية تنشأ بشكلٍ متسارعٍ ومُطّرد زمنيًا عبر المواقع والتطبيقات والمنصات الإلكترونية المختلفة فجيل الألفية هو جيلٌ رقمي كما يقول دون تابسكوت؛ لكن هذه البيئات الافتراضية بشكلها الحالي هي بيئاتٌ ناقصةٌ إذ هي إمّا تفتقد العامل مع الشباب أو البرنامج الشبابي أو كلاهما معًا !.
كورونا تُغيّر المعادلة:
قبل جائحة كورونا كوفيد-19 كان الحديث في أوساط العمل الشبابي والمجتمعي عن ضرورة العمل على موازنة الشباب بين تواجدهم في العالم الافتراضي من جهة والواقع من جهةٍ أخرى عبر الالتحاق بالمؤسسات الشبابية والاندماج في البيئات الشبابية، كما كان يجري الحديث عن التوسع في إدخال التقنيات الرقمية -الوسائط، الألعاب الإلكترونية، الواقع المعزز AR، الواقع الافتراضي VR وغيرها من التقنيات – لهذه المؤسسات بوصفها أدوات مساعدة ومُعزّزة للعمل الشبابي على أرض الواقع. اليوم ونتيجة لتداعيات الأزمة توقّف العمل الشبابي في المراكز والمؤسسات وأصبحَ الانتقال الكلي إلى العالم الافتراضي حتميةً لمن أرادَ أن يواصل العمل مع الشباب في هذه المرحلة على الأقل، حيثُ اندمج العالمان الواقعي والافتراضي بشكلٍ شبه كامل، وبالتالي بات من الضروري التفكير في العالم الافتراضي ومحتوياته ليس بوصفه أداةً أو وسيلة ولكن بوصفه بيئة متكاملة تحتوي الشباب والعاملين معهم وتُقام فيه وعَبرَه البرامج الشبابية المختلفة. وبما أنّ مُعظم الشباب متواجدون أساسًا في هذه البيئات الافتراضية فسيكون العمل الحقيقي هو محو الأمية الرقمية لدى العاملين مع الشباب وتمكينهم من الأدوات اللازمة للعمل في هذه البيئات الشبابية الافتراضية: تأسيسها وتشغيلها وتفعيلها وتصميم البرامج المتنوعة لها. إنها فرصة جديرة بالانتهاز للوصول لأغلب الشباب بمن فيهم أولئك الذين كانوا يُعانون من العُزلة الاجتماعية أو الجغرافية؛ فمنظور التنمية الشبابية الإيجابية الذي نتبناه يؤكد على أهمية العمل الشمولي مع الشباب: “كل الشاب، وكل الشباب”، وأن “نبدأ مع الشباب من حيث هُم” مكانًا وزمانًا ومنطقًا وتفكيرًا!
دورنا في شباب مجتمعي:
كانت شباب مجتمعي سبّاقةً لتبنّي ونشر مفهوم العمل الشبابي الرقمي في الوطن العربي بدءًا من مخيم التنمية الشبابية الذي أُقيم في مارس ٢٠١٨م، وانتهاءً ببرنامج “أساليب استخدام التكنولوجيا في تنمية الشباب” في مطلع مارس ٢٠٢٠م، ونحنُ اليوم أحرص من قبل على تعميم هذا المفهوم وتفعيله فقد أثبتت لنا جائحة كورونا وتداعياتها أنّ العمل الشبابي الرقمي لم يعُد ترفًا بل مجالًا أساسيًا للممارسة والبحث والتطوير.
4.8 (13) د. أحمد الحراملة استاذ مشارك في علم النفس الرياضي رئيس […]
5 (1) مروان عبد الحميد الخريسات مستشار وخبير في التخطيط الاستراتيجي والتنمية […]
5 (17) محمد العطاس مقدمة: أثّرت التقنيات الرقمية على […]
5 (3) إعداد: د. محمود ممدوح محمد مرزوق تحرير: قسم المحتوى […]