مقدمة
تسعى برامج تنمية الشباب إلى تحسين حياة الشباب من خلال تلبية احتياجاتهم الجسدية والتنموية والاجتماعية الأساسية ومساعدتهم على بناء القدرات اللازمة ليصبحوا بالغين ناجحين. وبالرغم من ذلك، كان الاتجاه التقليدي في التعامل مع الأطفال والمراهقين منذ القرن التاسع عشر ينظر إليهم على أنهم يحتاجون دوماً للتوجيه الصارم من عائلاتهم حتى لا يتبعون ميلهم الطبيعي نحو العدوان والعناد وارتكاب الأخطاء. وقد انحسرت البرامج والخدمات المقدمة لصغار السن على تقديم خدمات للفقراء أو الأيتام أو منحرفي السلوك مع التركيز بشكل كبير على مساعدتهم على تجنب ميلهم الطبيعي نحو الانحراف.
جلب النصف الأول من القرن العشرين اهتمامًا متزايدًا بمشكلة جنوح الأحداث؛ فقد أدى التحقيق الذي أجراه معهد الأحداث النفسية التابع للدكتور ويليام هيلي إلى إدراك أن مشكلة النشء الجانح لا تقتصر على الطبقات الأشد فقراً. علاوة على ذلك، كان يُنظر إلى الجنوح بشكل متزايد على أنه ناتج عن عوامل عديدة، وأكثرها انتشارًا هو الافتقار إلى الانضباط الأبوي الناتج عن فقدان أحد الوالدين أو كليهما. وفي الوقت نفسه، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الجهود المبذولة لمعاقبة الشباب المخالفين لم تردع أي عمل إجرامي في المستقبل وأن العديد من الشباب الذين تركوا المؤسسات عادوا في كثير من الأحيان. ونتيجة لذلك تحول الاهتمام إلى إيجاد طرق لمعالجة الشباب المضطرب بدلاً من مجرد معاقبتهم.
في أوائل القرن الحادي والعشرين، اتخذت برامج تنمية الشباب نهجًا أكثر إيجابية أو قائمًا على نقاط القوة للوقاية. بدلاً من محاولة منع المراهقين من الانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر، تركز برامج تنمية الشباب على مساعدتهم على النمو ليصبحوا بالغين سعداء وأصحاء. يتطلب هذا النهج تحولًا مفاهيميًا من التفكير في أن “مشاكل الشباب هي العائق الرئيسي أمام تنمية الشباب إلى التفكير في أن تنمية الشباب هي أكثر الاستراتيجيات فاعلية للوقاية من مشاكل الشباب ” – بيتمان وفليمنغ.
يمثل العمل الشبابي مجموعة واسعة من الأسس والممارسات التي توجه تفاعلات البالغين مع الشباب في مختلف السياقات. وبالرغم من عدم وجود تعريف للعمل الشبابي متفق عليه بالميدان، فهناك اتفاق حول بعض الممارسات والقيم الجوهرية، وهي:
أولاً تركز جهود تنمية الشباب على تلبية الاحتياجات وتطوير القدرات لجميع الشباب، وليس فقط أولئك المنخرطين في السلوكيات التي تنطوي على مشاكل أو الذين يُعتقد أنهم أكثر عرضة للقيام بسلوكيات خطرة.
ثانيًا تعتمد تنمية الشباب على منهجية تستهدف نقاط القوة بدلاً من النموذج القائم على حل المشكلات وتوفير علاج، فتلك المنهجية ترتكز على تلبية الاحتياجات وبناء المهارات اللازمة لينتقل الشباب إلى مرحلة نضج ناجحة.
ثالثًا تفترض تنمية الشباب أن الطريقة لتحسين حياة الشباب هي تحسين المجتمعات التي يعيشون فيها. وبالتالي، يستهدف التغيير على مستوى المجتمع بدلاً من التغيير على المستوى الفردي، وتركز برامج تنمية الشباب على “إنشاء مجتمع داعم للنشء والأسر”.
رابعًا وأخيرًا، يتطلب نهج تنمية الشباب؛ المشاركة الفعالة للشباب في تخطيط الخدمات وتقديمها وتقييمها. وتعتبر فكرة إشراك الشباب كشركاء، وليس مجرد عملاء، فريدة من نوعها في نهج تنمية الشباب وهي متجذرة بعمق في نظرية التمكين، التي تركز على عملية اكتساب الأفراد للسلطة من أجل تحسين ظروف حياتهم.
النظريات التي تقوم عليها الاتجاهات الجديدة في العمل الشبابي
تميل الاتجاهات الجديدة للعمل الشبابي في شتى بقاع العالم لتعزيز أساليب التنمية الإيجابية للشباب. وتقوم التنمية الإيجابية للشباب على عدد من النظريات، منها ما يلي:
نظرية بياجيه (Piaget) في التطور المعرفي
طورت بياجيه نظرية التطور المعرفي والتي تعتمد على فهم الإنسان لشيء عندما يقوم بتجربته بنفسه وتقوم على أربعة مراحل:
- الحس الحركي (منذ الولادة حتى سن الثانية تقريبًا)، حيث تقوم حواس الأطفال بمساعدتهم على فهم بيئتهم وتجربتها.
- ما قبل التشغيل (حوالي 2 إلى 7 سنوات)، حيث يمكن للأطفال تمثيل الأشياء والأحداث عقليًا دون الحاجة إلى استخدام الحواس مثل اللمس والرؤية. على سبيل المثال تظاهر الأطفال بأن الكتلة عبارة عن هاتف، وتفاعلهم معه كأنه هاتف حقيقي.
- الإجراء الواقعي (من 7 إلى 11 سنة)، حيث يقوم الأطفال باستنتاجات منطقية من تجربة معينة. على سبيل المثال، إذا عطسوا كثيرًا حول كلب صديقهم، فقد يستنتجون أنه لديهم حساسية تجاه الكلاب.
- الإجراء الرسمي (من المراهقة إلى سن الرشد)، حيث يبدأ المراهقون والمراهقات في القدرة على التفكير المنطقي حول المفاهيم المجردة مثل العدالة الاجتماعية والحرية. وقد يبدأون في التفكير بشكل أكثر نقدًا حول القضايا الأخلاقية، مثل المبادئ المتعلقة بالصواب والخطأ. ويصبحون قادرون على ابتكار حلولهم الخاصة للمشكلات دون الحاجة إلى خبرة مباشرة.
نظرية إريكسون النفسية
تؤكد النظرية النفسية الاجتماعية على تطور الشخص طوال فترة حياته. وتتكون من ثماني مراحل من التفاعل مع البيئة الاجتماعية، كل مرحلة تعتمد على سابقتها. مع تقدم العمر يتم التركيز بشكل أساسي على مراحل محددة. كل مرحلة يتم اعتبارها أزمة أو توتر يجب حلها قبل التركيز على المرحلة التالية. إن الطريقة التي يتعامل بها الشباب مع هذه التوترات والمواقف والمهارات والمعتقدات التي يطورونها في كل مرحلة قد تحدد تطورهم في المستقبل. تشمل المراحل:
- الثقة مقابل عدم الثقة 0- 1.5 سنة
- الاستقلالية مقابل الخجل 5-3 سنوات
- المبادرة مقابل الشعور بالذنب 3-5 سنوات
- الصناعة مقابل الوضاعة 5-12 سنة
- الهوية مقابل الحيرة 12-18 عامًا
- الألفة مقابل العزلة 18-40 سنة
- الإبداع مقابل الركود 40-65 سنة
- الموضوعية مقابل اليأس (65+)
لمعرفة المزيد حول كل مرحلة، قم بزيارة موقع Simply Psychology
النظرية البنائية لبابير” papert”
من النظريات البنائية لعلم النفس، تعتبر التعلم بمثابة إعادة بناء بدلاً من نقل المعرفة. ويتم الاستفادة عن طريق التوسع بفكرة الممارسات اليدوية إلى فكرة أن التعلم يكون أكثر فاعلية عندما يكون جزءًا من نشاط يختبره المتعلم.
وتمنح الممارسات التنموية المناسبة أطراً سليمة لتنسيق تلك النظريات المختلفة لخلق إطار عمل مشترك؛ مما يعزز من قدرة برامج التنمية الإيجابية للشباب على تحقيق أهدافها. وتتصف برامج التنمية الإيجابية للشباب بأنها مرنة ومرحلية وتقوم على تعزيز إرادة الشباب، فهي مبادرات:
- متعددة المحاور
- تدعم المشاركة
- محددة السياق
- ترتكز على المشاركة الاجتماعية والاستدامة
وتعتمد تلك المبادرات على نماذج نابعة عن
- الكفاءة الاجتماعية: مجموعة من المهارات الاجتماعية والعاطفية والمعرفية والسلوكية اللازمة للتكيف الاجتماعي الناجح.
- التعلم الاجتماعي العاطفي: العملية التي يكتسب من خلالها جميع الشباب والكبار المعرفة والمهارات والمواقف ويطبقونها لتطوير هويات صحية وإدارة العواطف وتحقيق الأهداف الشخصية والجماعية.
- علم النفس الإيجابي: الدراسة العلمية عما يجعل الحياة تستحق العيش، مع التركيز على مصلحة الفردية والمجتمعية.
- التنمية الإيجابية للشباب: هي إطار يوجه المجتمعات في طريقة تنظيمها للخدمات والفرص والدعم حتى يتمكن الشباب من التطور إلى أقصى إمكاناتهم.
التنمية الإيجابية للشباب:
تقوم البرامج الإيجابية لتنمية الشباب بالتركيز على تحديد ودعم عوامل الحماية – الظروف أو السمات المهارات أو القوة أو الموارد أو الدعم أو استراتيجيات المواجهة- لدى الأفراد التي تساعدهم على التعامل بشكل أكثر فاعلية مع الأحداث المجهدة – المتواجدة بداخل الشباب كأفراد، أو داخل بيئتهم المحيطة. وتختلف اتجاهات التنمية الإيجابية للشباب عن الاتجاهات التقليدية التي ترتكز على تحديد الجوانب السلبية أو المشكلات في سلوك الشباب. فلا تهمل التنمية الإيجابية للشباب تواجد سلوكيات خطرة لدى بعضهم، ولكن تقوم بالتركيز عمداً على تحفيز الهوية الإيجابية لدى الشباب، وتعزيز قدرتهم على ضبط النفس كما تدعم قدرتهم على اتخاذ القرار، وزيادة الوعي الأخلاقي والكفاءة المجتمعية والعملية والعلمية، وتحفيز التواصل الاجتماعي.
ومن الركائز الأساسية لبرامج التنمية الإيجابية للشباب وجود بيئة داعمة من مساحات ومجتمعات تسمح بتنفيذ برامج ناجحة قائمة على مشاركات الشباب، داعمة لقدراتهم المجتمعية والعاطفية والسلوكية، ومعززة لإرادة الشباب. ويتم ذلك عن طريق أنواع مختلفة من التدخلات. فبناء على دراسة منهجية لبرامج التنمية الإيجابية للشباب حول العالم تم تحديد سبعة أوجه لتلك البرامج (وايد وأوريخ .(وتتكون تلك الأوجه السبعة من: المعسكرات، والرحلات الخلوية، والرياضة، والفن، والموسيقى، والبرامج المدرسية، والبرامج التوجيهية.
- المعسكرات
تصمم البرامج الإيجابية لتنمية الشباب القائمة على المعسكرات لتعزيز قدرة الشباب على الاكتفاء الذاتي – القدرة على رعاية المرء لنفسه – في بيئة جذابة بالهواء الطلق. ومن المعتاد أن تستمر تلك المعسكرات لبضعة أيام أو بضعة أشهر في الصيف. وتمنح المعسكرات الشباب الفرصة لمواجهة تحديات جديدة والاتصال بالطبيعة وإقامة علاقات مع أقرانهم، بالإضافة لعلاقات مع المرشدين والمدربين. وتتضمن الأنشطة السباحة والتجديف والسير وركوب الخيل والحرف اليدوية، ويعتمد تطبيق تلك الأنشطة على نظرية ترى أن الجمع بين الأنشطة البدنية والمهام الذهنية بين مجموعة من الأقران يؤدي لتحسين المهارات الذهنية والبدنية والسلوكية للشباب، ويزيد من ثقة الشباب بالنفس، ويدعم استقلالهم ومهاراتهم القيادية وقدراتهم على اتخاذ القرارات.
نماذج ملهمة
هي مجتمع من محترفي المعسكرات الذين انضموا معًا لأكثر من 100 عام لمشاركة معرفتهم وخبرتهم ولضمان جودة برامج المعسكرات بالإضافة إلى برامجهم الاستثنائية، فإن الأطفال والبالغين لديهم الفرصة لتعلم دروس قوية في المجتمع، وبناء الشخصية، وتنمية المهارات، والحياة الصحية.
معسكر قام بجعل تركيزه الكلي على خدمة المراهقين والقيادة. وأنشأ شباب في الخدمة للاستفادة من طاقة وأفكار الشباب لمعالجة المشكلات الحقيقية في مجتمعاتهم. على الصعيد الوطني، يشارك الشباب في مشاريع خدمة المجتمع التي تطور المهارات الحياتية وتحدث اختلافات حقيقية في مجتمعاتهم.
- برامج الرحلات البرية والخلوية
مثل المعسكرات تعتمد برامج الرحلات البرية والخلوية على جمع الشباب في مجموعات للمشاركة بتحديات بدنية وذهنية سوياً. وترتكز أكثر برامج الرحلات البرية والخلوية على الأنشطة البدنية، مثل: تسلق الجبال، ومهارات البقاء على قيد الحياة، وعادة ما تستهدف هذه البرامج فئات الشباب التي تعاني من الانحراف إيذاء النفس أو الإدمان أو تعرضت لصدمات. وتعتمد معظم الأنشطة الخلوية على التعلم التجريبي – عملية التعلم من خلال التجارب – وتعاون الشباب للوصول لأهدافهم العلاجية. فمن خلال أنشطة التحديات البدنية يختبر المشارك الشعور بالنجاح؛ ما يعزز من الثقة بالنفس، ويدعم تخليه عن السلوكيات المنحرفة.
نماذج ملهمة
رحلات لتجارب حياتية تحويلية. مع طاقم داعم، والخلاء هو معلمهم، يتعلم الطلاب البحث بعمق للعثور على قدر أكبر من التعاطف مع بعضهم البعض، ولدفع حدودهم عما اعتقدوا أنهم يستطيعون القيام به. ويشرع المراهقين والبالغين في رحلة لا تقاس فقط بأميال على الجبل أو النهر أو الصحراء أو المحيط، ولكن بمحورية نموهم الشخصي.
تهدف الدورة التدريبية إلى تدريب القادة الشباب والعاملين الشباب حتى يستطيعوا احتواء المجموعة المستهدفة من الشباب المعرضين للخطر (الشباب الجامح، والغاضب، والعصبي، ومتعاطي المخدرات والكحول، والفاشلين في المدرسة) من أجل السماح لهم بالتجربة والتعرف على القدوة الصحية والمهارات الخارجية ومهارات البقاء على قيد الحياة.
- البرامج الرياضية
تقوم برامج التنمية الإيجابية للشباب القائمة على الرياضة بدعم مشاركة الشباب في الرياضات التنافسية؛ ككرة القدم، وكرة السلة. وتدعم تلك البرامج تعاون الشباب للوصول لهدف مشترك؛ ما يعزز من روح الفريق والقدرة على اتخاذ القرار. وتدعم تلك البرامج الصحة العقلية والجسدية والمهارات الاجتماعية لدى الشباب، فمن خلال الرياضات الجماعية يتعلم الشباب العمل الجاد والروح الرياضية، كما تدعم الرياضة إقامة علاقات صحية مع البالغين، وتتاح الأنشطة الرياضية للشباب بشكل عام وإن استهدفت بعض البرامج الرياضية الفئات الأكثر تهميشاً والمناطق الأكثر فقرا.
نماذج ملهمة
تمنح الرياضة الشباب منبرًا لإسماع صوتهم ومكانًا يشعرون فيه بالانتماء. نحن نسخر هذه القوة غير العادية لتغيير حياة الشباب اليوم ومساعدتهم على بناء غد أكثر إشراقًا. عن طريق تحسين الصحة والرفاهية وتطوير الشخصية والقيادة وتعزيز التضامن والتعاطف.
- البرامج الفنية
تمنح برامج التنمية الإيجابية للشباب القائمة على الفن فرصًا للشباب لابتكار فنون بصرية وموسيقية ومسرحية؛ من خلال تهيئة بيئة مناسبة، وإتاحة مواد تساعد على التعبير عن النفس تقوم البرامج الفنية بتعزيز النمو العقلي والابتكار كما تشجع الشباب على التعبير عن مشاعرهم في مساحات آمنة فتبني مهارات الشباب، وتزيد من ثقتهم بأنفسهم. وتستهدف تلك البرامج الشباب عامة والشباب الذي يعاني من سلوك انحرافي أو فقر خاصة.
نماذج ملهمة
يهدف مشروع فنون وأصوات الشباب إلى تزويد الأطفال والشباب اللاجئين والمهاجرين بفرصة للتعبير عن آرائهم. تؤمن BRYCS بأن دمج “صوت الشباب” في البرامج التي تخدم اللاجئين والمهاجرين أمر ضروري للعمل من منظور تنمية الشباب الإيجابي. يهدف برنامج فنون وأصوات الشباب إلى إبراز إبداع وموهبة الأطفال والشباب اللاجئين والمهاجرين الذين يعيشون في الولايات المتحدة وجمع المعلومات حول برامج الفنون التعبيرية المبتكرة والمراجع الفهرسية ومواقع الويب في مكان واحد.
- البرامج الموسيقية
تقوم البرامج التنموية الإيجابية للشباب القائمة على الموسيقى بإتاحة الفرص للشباب للغناء أو العزف في مجموعات. وتعزز الأنشطة الموسيقية من المهارات العقلية والعصبية، خاصة مهارات التحدث والقراءة والكتابة والحساب؛ فتتيح الموسيقى للشباب القدرة على تنمية المهارات وسط الأقران، كما تعزز من الثقة بالنفس ومهارات التواصل والقدرة على حل المشكلات. التعاون مع الأقران يرسخ الشعور بالانتماء لمجموعة، ما يدعم السلوكيات الإيجابية في المجتمع، وتساعد الأنشطة الموسيقية على زيادة الوعي الشعوري والقدرة على التعامل مع مختلف المشاعر.
نماذج ملهمة
يتيح فرصة لكل شاب حتى يستطيع تغيير حياته من خلال الموسيقى. بخاصة مع وجود الكثيرين اللذين لا يستطيعون ذلك بسبب أنهم من يكونون، أو من أين هم أو ما يمرون به.
- البرامج المدرسية
تهدف البرامج المدرسية لتعزيز التنمية الإيجابية للشباب إلى بناء الشخصية ودعم التواصل بين الشباب والبالغين خارج إطار المنزل. وتستهدف تلك البرامج الشباب من جميع الفئات، وتعمل على الحد من عدة مخاطر وتحسين المهارات الاجتماعية.
تتشارك سبرينج بوينت مع المدارس والقطاعات والمؤسسات لإنشاء نموذج مدرسي مصمم ومهيأ لمواكبة التغيير في المجتمعات التي يخدمونها. وتهدف لتطوير طلاب الثانوية والجامعات وتوجيههم نحو مستقبل لامع ومشرق دون النظر إلى بيئتهم أو خلفيتهم.
- البرامج التوجيهية
تربط برامج التوجيه الأشخاص الذين لديهم مهارات ومعرفة محددة – موجهين – مع أفراد يحتاجون أو يريدون نفس المهارات والمزايا للارتقاء في العمل أو مستوى المهارة أو الأداء المدرسي. وتعمل البرامج التوجيهية على تعزيز العلاقات الإيجابية بين الشباب والبالغين؛ ما يمنح الشباب مساحات آمنة للتعامل مع الخبرات السلبية ويوسع آفاقهم، ويزيد من قدرتهم على التفاؤل، ويؤدي هذا للحدِّ من السلوك المنحرف ومشاكل الصحة النفسية. وعادة ما تستهدف البرامج التوجيهية الشباب في المناطق الأكثر فقراً، القاطنين بدور الرعاية، أو أبناء المساجين ممن يعانون من تأخر أكاديمي أو يميلون للانخراط في السلوكيات المنحرفة.
نماذج ملهمة
يقوم البرنامج بدعم الشباب عن طريق جلسات توجيهية جماعية أو فردية مع شخص موثوق لتحسين قدراتهم على التحصيل الأكاديمي والاهتمام بصحتهم وتطوير قدراتهم لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المستقبل.
وتشيد الأبحاث بقدرة برامج التنمية الإيجابية للشباب على الوقاية والحد من مخاطر متعددة تواجه الشباب. وإن انفردت الأوجه السبعة للتنمية الإيجابية بأنشطة مختلفة، سنجد أن آليات العمل مشتركة بينهم. وعلى رأس تلك الآليات المشتركة التركيز على تأثير الأقران عن طريق أنشطة تتطلب المشاركة والتعاون في مجموعات. أيضاً الاهتمام بإيجاد بيئة داعمة لتنفيذ النشاط من خلال تقديم الموارد والمواد والدعم الضروري لتنفيذ مهام النشاط. وأخيراً محورية دعم إرادة وشخصية الشباب عن طريق التفاعل والتعاون والتركيز على قدرات الشباب والجوانب الإيجابية من شخصياتهم.
مقارنة بين الاتجاهات الحديثة والاتجاهات التقليدية في العمل الشبابي
الاتجاهات الحديثة |
الاتجاهات التقليدية |
· تتبع أساليب التنمية الإيجابية للشباب مما يجعلها قادرة على التكيف لتلبية احتياجات الشباب المختلفة؛ فهي تستطيع تقديم دعم مناسب للاحتياجات الشخصية والتنموية للشباب، ما يمنحها القدرة على تخطي بعض التحديات المتواجدة |
· تتمركز فقط حول حل المشكلات أو الحد من المخاطر بغض النظر عن قدرات الشباب ومواهبهم والفروق الفردية بينهم |
· تمثل نهجاً بيئيّاً قائماً على نقاط القوة لدى الشباب؛ لفهمهم، والعمل معهم |
· تعمل على الشباب “المنكسرين” الذين يحتاجون إلى الإصلاح النفسي والاجتماعي |
آراء الباحثين حول سلبيات الاتجاهات الحديثة في العمل الشبابي
وبالرغم من نجاح الاتجاهات الحديثة في اتباع الأساليب الإيجابية لتنمية الشباب من تحقيق نجاحات في دعم وتنمية الشباب على مستوى العالم، إلا أنّ بعض الباحثين انتقدوا أساليب التنمية الإيجابية للشباب. من منطلق أن الترويج لفكرة استثمار قدرات الشباب يتصل بالمشروع (النيو ليبرالي) والذي يقوم بخصخصة وتسليع الخدمات العامة والتي كانت من قبل تهدف فقط للصالح العام. ويرى الباحثون أيضاً أنَّ الاتجاهات الإيجابية لتنمية الشباب -والتي تعزز من القدرات والصفات الفردية للشباب-تؤصِّل لزيادة النزعة الفردية في المجتمعات، وتتغاضى عن حل المشكلات المجتمعية بشكل تكاملي؛ حيث تقدم الدعم للشباب كأفراد بغض النظر عن العوامل المؤدية لتلك المشكلات في المجتمع.
كما يرى بعض الباحثين أن اتجاهات التنمية الإيجابية القائمة على تعزيز قدرات الشباب والتي ظهرت لمواجهة اتجاهات تقليدية قديمة قائمة على انتقاد الشباب، والتعامل معهم كمشكلات تحتاج لحلول تقوم بوضع الشباب في إطار ثنائي محدود ذي طابع اقتصادي يحصر الإنسان بين المكسب والخسارة أو النجاح والفشل؛ فهي تستمر في تعزيز الانقسامات بدون النظر لآراء الشباب فيما يناسبهم وما يمثل لهم النجاح وما يمثل لهم الفشل، أو ما تمثل لهم القدرات، وما تمثل لهم المشكلات. تلك الاتجاهات سواء تقليدية أم حديثة تحد الشباب في أفضل الأحوال، وقد تصل للعنف في أسوأ الحالات حيث تفشل في تنمية الشباب بشكل قائم على وجهات نظرهم.
مستقبل العمل الشبابي واستخدام التكنولوجيا
لخلق بيئات وبرامج داعمة للشباب يجب العمل على فهم وجهات نظر الشباب ومفهومهم عن ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم ورؤيتهم عن حياتهم اليومية، وعن مساحات التنمية المتاحة لهم ومدى رضاهم واستمتاعهم بتلك الأنشطة. فيجب على العاملين بمجال تنمية الشباب إعادة التفكير في أدوارهم وكيفية عملهم مع الشباب وكيفية تقدمهم لأنشطة ملبية لاحتياجات الشباب، ورغباتهم والتواصل معهم عن طريق أساليب التكنولوجيا الحديثة المناسبة لأنماط حياتهم.
خلال العقد الأخير وخاصة بعد جائحة كورونا انتشرت حول العالم فعاليات تنمية قدرات الشباب عن بعد؛ باستخدام وسائل الاتصال الحديثة، ومواقع التواصل الاجتماعي مثل (تويتر وفيسبوك وإنستغرام) وبرامج الاتصال عن بعد، مثل برنامج زووم. فعلى سبيل المثال قامت الحكومة النيوزلندية برصد أمثلة مختلفة من الفعاليات الموجهة للشباب عن بعد عبر الإنترنت، مثل المهرجانات، وورش العمل.
فلابد من العمل على توثيق تلك النماذج والاهتمام بتمكين الشباب من الفئات المهمشة من المشاركة في الأنشطة المنظمة عن بعد عن طريق إمدادهم بوسائل الاتصال الحديثة.
المراجع
The Changing Landscape of Youth Work: Theory and Practice for an Evolving Field, edited by Kristen M. Pozzoboni, and Ben Kirshner, Information Age Publishing, Incorporated, 2016. ProQuest Ebook Central,
Keynote; International Conference on Emerging Trends in Youth Development
Youth development in time: the pasts, presents and futures of an evolving practice
Sevasti-Melissa Nolas; University of Sussex
A Scoping Review of the Theory and Practice of Positive Youth Development, Waid, J. & Uhrich, M. 2020;2019, The British journal of social work, vol. 50, no. 1
https://www.actforyouth.net/youth_development/
https://www.myd.govt.nz/documents/young-people/youth-voice/final-youth-engagement-zhui-report.pdf
PITTMAN, KAREN J., and FLEMING, W. E. 1991. A New Vision: Promoting Youth Development. Washington, DC: Center for Youth Development and Policy Research, Academy for Educational Development
JARVIS, SARA V.; SHEAR, LIZ; and HUGHES, DELLA M. 1997. “Community Youth Development: Learning the New Story.” Child Welfare 76:719–741.
https://ctb.ku.edu/en/table-of-contents/implement/youth-mentoring/overview/main
4.8 (13) د. أحمد الحراملة استاذ مشارك في علم النفس الرياضي رئيس […]
5 (1) مروان عبد الحميد الخريسات مستشار وخبير في التخطيط الاستراتيجي والتنمية […]
5 (17) محمد العطاس مقدمة: أثّرت التقنيات الرقمية على […]
5 (3) إعداد: د. محمود ممدوح محمد مرزوق تحرير: قسم المحتوى […]